المشهد المألوف في المناجم باستراليا هو تلك الرافعات التي يصل طولها تقريباً إلى ارتفاع مبنى مكوّن من ثلاثة طوابق. ويمكن أن تصل حمولة هذه الرافعات إلى 500 طن من خام الحديد، وهذه الرافعات ليست بمثابة ثورة التكنولوجيا في طور التكوين. لكن بإمعان النظر في بعضها، وهي تشق سبيلها في طرق التعدين غير المعبدة للوصول إلى مرافق الخام، نجد أنها مركبات خالية من البشر. فقد تمكن الباحثون في جامعة سيدني الاسترالية من تطوير روبوت جيولوجي يمكنه التعرف إلى طبيعة الصخور بمجرد العثور عليها.
حساسية إشعاعية
وتقول مجلة "نيوساينتست" البريطانية، في تقرير حديث لها، إن الروبوت يعتمد على نظام يستخدم كاميرا فائقة الطيف تتسم بحساسيتها للأشعة المرئية والأشعة تحت الحمراء على حد سواء، لتحديد البصمة البصرية للصخور، بما في ذلك المعادن الموجودة في الصخور وبأي كميات.
فقد قام فريق الباحثين بقيادة سفين شنايدر في جامعة سيدني في استراليا ببرمجة كاميرا تصوير من خلال أخذ عينات من الصخور من أحد مناجم الحديد في استراليا وربط البصمات الضوئية لبعض أنواع الصخور. ثم قاموا باختبارها من خلال المسح الضوئي للنتوءات الصخرية في أنحاء مختلفة للمنجم نفسه. واستطاع النظام التعرف بشكل صحيح إلى أنواع الصخور، والوصول بدقة إلى مقدار المعدن المستهدف في كل عينة، وفي هذه الحالة تلك العينات الغنية بالحديد.
بديل للبشر
يقول شنايدر: "في بعض الأوجه يعد هذا النظام أفضل من الجيولوجي. فعلى سبيل المثال، ربما لن يكون الجيولوجي قادراً على تحديد معادن معينة بصرياً، ولكن هذا النظام سيكون قادراً على تحديد وتقديم تقديرات كمية لوفرة الكثير من المعادن". وتم تقديم هذا البحث، الذي تم تمويله جزئيا من قبل شركة ريو تينتو، في المؤتمر الدولي للروبوتات والأتمتة في سانت بول بولاية مينيسوتا في شهر مايو الماضي. وتعتبر هذه الشاحنات جزءاً من منجم التعدين العملاق التابع لمشروع "ريو تينتو" لمبادرة المستقبل، ومقره في منجم حديد "ويست أنجليس".
فقد رصدت الشركة مبلغ بقيمة 500 مليون دولار للروبوتات باعتبارها مستقبل التعدين. وليست شركة ريو تينتو وحدها في هذا الصدد، فقد انتهجت شركات التعدين في شيلي وجنوب إفريقيا والدول الاسكندنافية النهج نفسه. وفي الوقت الذي لا يزال عدد سكان العالم في زيادة مستمرة، فإن الطلب على الموارد بما في ذلك الحديد والفحم والذهب، يتزايد بوتيرة مطردة. والسبيل الوحيد لتلبية هذا الطلب، من الناحية المنطقية، هو تحويل التعدين بوصفه أكثر الوظائف صعوبة وخطراً في كثير من الأحيان إلى أنظمة ذكية بشكل مصطنع والتي من شأنها زيادة الإنتاج في الوقت الذي يمكن جعل هذه الصناعة أكثر أماناً للبشر.
تجنب الأضرار
وتقول "نيوساينتست"، في تقريرها، إن مناجم الذهب والبلاتين المعروف عنها عمقها في جنوب إفريقيا يجري العمل فيها غالباً من خلال عمّال مناجم. وفي كل يوم بعد إجراء عملية التفجير كاملة، ينزل أحد العمال في أنفاق جديدة ويحاول الإنصات إلى صوت دوي أجوف يمكن أن يشير إلى وجود جدار معلّق على وشك الانهيار.
لكن عمليات تفتيش الدخول غالباً ما يتم التعجل بها، نظرا لارتباط أجور عمال المناجم بمعايير التفجير في الوقت المناسب. فقد لقي 14 عاملاً من عمال المناجم مصرعهم بالفعل خلال العام الجاري داخل هذه الأنفاق الأرضية، وذلك وفقاً لبيانات وزارة الموارد المعدنية في البلاد.
يقول ديكلان فوغت، من مجلس البحوث العلمية والصناعية في أوكلاند بارك بجوهانسبرج في جنوب إفريقيا: "الرجال لا يقومون بعمليات تفتيش الدخول بشكل صحيح، ونحن نعلم ذلك، وهناك حالات وفاة نتيجة لهذا". وللحفاظ على عمال المناجم بعيدا عن أي أذى، فقد قام فوغت وزملاؤه بابتكار الروبوت الذي يمكن أن يتتبع الأنفاق بارتفاع متر وفحص أسطح الصخور بحثاً عن نقاط الضعف من خلال كاميرا حرارية. ويضيف فوغت: "الصخرة التي ترتبط بقوة بمحيطها سوف تبرد ببطء أكثر من الصخور التي تتعرض للتقسيم".
مستقبل واعد
ويعتبر روبوت المناجم، الذي يخطط الباحثون في جنوب إفريقيا لإطلاقه في شهر مارس من العام المقبل، مجرد بداية. و إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ففي غضون العقد المقبل سيتم تصميم بعض المناجم بحيث لا تتناسب مع إمكانات البشر، ولكن لكي تلبي احتياجات وقدرات الروبوتات. وسوف يعني ذلك عملية استخراج أسرع للموارد على مدار الساعة، من أجل تلبية الطلب المتنامي للإنسان للحصول على مكنونات الأرض وخيراتها.
جويال تعمل في حدود آلية التعدين. نحن نستخدم المعدات ذات مستوى عالمي، والتكنولوجيا، والقدرة والدراية لتلبية احتياجات العملاء وتقديم قيمة على المدى الطويل.