الناخبون الذين أبقوا هوغو تشافيز 14 سنة رئيساً لفنزويلا الى ان وافته المنية في 5 آذار، توجهوا امس إلى صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية أولى لا تحمل اسمه، وإن تكن تخاض باسمه وعلى إرثه، إذ يتنافس فيها نائبه الذي اختاره هو نفسه لخلافته نيكولاس مادورو (50 سنة) وزعيم المعارضة هنريكي كابريليس (40 سنة).
تولى نحو 150 ألف رجل من قوى الامن حراسة مراكز الاقتراع في أنحاء البلاد التي أقفلت حدودها منذ مطلع الاسبوع، بعدما نددت السلطات بـ"مخططات لزعزعة الاستقرار يدبرها الخارج". والسبت أحيا أنصار تشافيز ذكرى مرور 11 سنة على عودته الى السلطة بعد انقلاب دام يومين وأيدته الولايات المتحدة.
وازعج هذا الاحتفال الذي اقيم عشية الانتخابات المعارضة التي شكت من حملة تميل لمصلحة الحكومة. فقد بث التلفزيون الحكومي سلسلة من البرامج التي تمجد تشافيز وتتهم كابريليس بانه الوريث السياسي "لحكم الأقلية اليمينية" التي دبرت انقلاب عام 2002 والذي عزز التأييد لتشافيز ودفعه الى المضي قدماً في سياساته. وقدمت المعارضة، التي شكت من استخدام غير عادل لأموال الدولة لتعزيز ترشيح مادورو، شكوى رسمية إلى مفوضية الانتخابات، قائلة إن القناة الحكومية في التلفزيون خرقت قوانين الانتخابات ببثها "مادة سياسية منحازة". ورأى رئيس حملة كابريليس أنه "من غير المقبول ان تخرق قناة رسمية القوانين". ودعا السلطات الانتخابية الى اتخاذ اجراء فوري في حقها. وأوردت المعارضة في شكواها إن نجم كرة القدم الارجنتيني السابق دييغو مارادونا خرق قوانين الانتخابات الفنزويلية بدعمه علناً الاخير. وكان مارادونا وصل الخميس للانضمام الى مادورو في ختام حملته الانتخابية.
أنصار تشافيز ومادورو
وقبيل الفجر، جابت شوارع العاصمة كراكاس شاحنات تحمل مكبرات للصوت تبث النشيد الوطني بصوت تشافيز لإيقاظ الناخبين. وفي حي "23 كانون الثاني" الفقير في كراكاس حيث اعتاد تشافيز الاقتراع وحيث دفن، اصطف كثيرون من أنصاره.
وقال دينيز اوروبيسا إن "التزام الثورة قوي جداً. الشعب سيصوت بكثافة للدفاع عن ارث الكوماندانتي". ولخص اليخاندرو الميدا مشاعر كثيرين، إذ قال إن "صوتي سيكون لمادورو، لكن قلبي سيكون مع تشافيز".
وحض مادورو، الذي كان الذراع اليمنى لتشافيز، مناصريه على تحقيق آخر رغبات الرئيس الراحل، و"متابعة ارثه" في وجه "البورجوازيين" و"الفاشيين". وتعطيه استطلاعات الرأي هامشاً مريحاً للفوز يراوح بين عشر و20 نقطة. وهو يرغب في فارق كبير من الأصوات، ولذا دعا أنصاره إلى تحقيق "فوز عملاق". ذلك انه "كلما زاد الفارق ازدادت البلاد هدوءاً. اذا كان الفارق بسيطاً، فلن يكون ذلك الا لانهم (المعارضة) نجحوا في ارباك مجموعة من الفنزويليين".
ومادورو يشاطر تشافيز نشأته المتواضعة، فهو سائق أوتوبيس سابق، صار وزيراً للخارجية عام 2006، ثم نائباً للرئيس عام 2012، قبل ان يتولى الرئاسة بالوكالة. ورفع شعاراً لحملته "أنا تشافيز، كلنا تشافيز".
وقدم نفسه خلال الحملة على أنه "الضامن الوحيد" للبرامج الاجتماعية التي تمولها الدولة في بلاد تملك اكبر احتياط من النفط الخام في العالم. ويذكر أنه خلال 14 سنة من حكم تشافيز، تراجعت نسبة الفقراء بصورة مذهلة من 50 الى 29 في المئة، استناداً الى اللجنة الاقتصادية في الأمم المتحدة.
كابريليس
اما المعارضة الملتفة حول كابريليس، الحاكم الطموح لولاية ميراندا في شمال البلاد، فتعهدت عدم حصر مساعدة الحكومة بـ"المدعومين". وقال زعيم المعارضة، وهو محام مؤيد لاقتصاد السوق وما يسميه "الاشتراكية الديموقراطية"، إنه سيوقف "الهدايا" المقدمة الى كوبا والحلفاء الآخرين للنظام الذين يستفيدون من اكثر من مئة الف برميل من النفط الخام يومياً، في "ديبلوماسية بترولية" بنت عليها فنزويلا نفوذها الاقليمي. واتهم منافسه بأنه "يختبىء" وراء ظل مرشده، حتى لا يواجه الآفات الاجتماعية التي يعيشها الفنزويليون يومياً، من انعدام قياسي للأمن مع 16 الف جريمة وانقطاعات في التيار الكهربائي ونقص متكرر في المواد الغذائية وتصاعد التضخم مع بلوغ عجز الموازنة 30 مليار دولار. وتعمل المصانع بنصف طاقتها بسبب قيود على استيراد مواد من الخارج. ويحذر أرباب أعمال من قرب إفلاسهم.
وكان كابريليس خسر الانتخابات الرئاسية السابقة امام تشافيز نفسه بفارق 11 نقطة. ولاحظ مراقبون أنه خاض حملته بشراسة، ولم يظهر لمادورو الاحترام الذي كان يبديه لتشافيز، وحرص على التمييز بينهما. ففي حملته كان يبرز لائحة بالطرق التي لم ينته شقها، ومشاريع الجسور والسكك الحديد المجمدة. ثم يسأل الحضور عن البضائع الناقصة في الأسواق، فيعددها معهم. وهو تعهد رفع الحد الأدنى للأجور وتنفيذ نموذج سياسي فى البلاد على غرار البرازيل يقوم على "اليسار الحديث" فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
ويذكر أن خمسة مرشحين آخرين يخوضون الانتخابات، لكن حظوظهم شبه معدومة.
جويال تعمل في حدود آلية التعدين. نحن نستخدم المعدات ذات مستوى عالمي، والتكنولوجيا، والقدرة والدراية لتلبية احتياجات العملاء وتقديم قيمة على المدى الطويل.